السؤال.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الرجاء من سيادتكم تمعن وتصفح هذا الموقع www.thequran.com وإخبارنا إن كان يوجد به أي أخطاء أو تحريف بالقرآن الكريم لنكون من محاربي هذا الموقع أو مناصريه، وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة.. بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر كجوك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكركم على تسليط الضوء على أمثال هذه المواقع المشبوهة التي تدس السم في العسل كما يقال، وتحاول إظهار نفسها كالمتبني لخدمة القرآن وتقديم تفسير عصري خال من الخرافة!!
والحقيقة أن الخرافة كل الخرافة هي فيما يقولون ويفعلون من محاولات التشويه المفضوحة، كهذا النص على سبيل المثال:
في قصة التكوين القرآنية، وبعد خلق الإنسان الأوّل، طلب الله من الملائكة السجود لآدم، فامتثل الملائكة للأمر، غير أن إِبْليسَ عصى واستكبر (سورة البقرة: 2/ 34).
جاء الطلب في القصة فجائياً؛ ولما لم تشرح الآياتُ غاية الأمر بالسجود لآدم، دخل الغموض في الحكاية هنا، فنتج عن ذلك مفارقتيْن:
أولاً، أمر الملائكة بالسجود لآدم هو الذي يسبب المفارقة الأولى، لأنَّ السجود طقس عبادة، وبالتالي يُصور الله هنا كمن يدفع باتجاه الشرك؛ وهو أمر يتنافى مع التنزيه.
ثانيا، تقول الآية: <قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ: «اسْجُدُواْ لآدَمَ»، فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ>، والآية واضحة بأنّ الأمر كان لِلْمَلآئِكَةِ، ويُفهم من الآية إنّ إبليس من جنس الملائكة، فلماذا رفض إبليس السجود وهو من الملائكة، والملائكة يُوصفون بأنهم <لَا يَعْصُونَ اللَّهَ> (سورة التّحريم: 66/ 6). إذاً، الآية تتعارض مع ما هو معروف عن الملائكة في القرآن نفسه.
كيف وقع محمد بهذه المعضلة؟
سنقدم إجابة مختصرة:
تؤكد شواهد كثيرة أن محمداً سمع قصصاً من «الكتاب المقدس»، ولكنه تعلمها بغير دقة، لأنه أطلع عليها بشكل ناقص، وأحياناً لأنه أطلع على نصوص من الأناجيل المنحولة. وبالتالي كان محمد يدمج في القرآن هذه النصوص التي تعوزها الدقة.
رواية السجود لآدم في الآية جاءت ـ على الأغلب ـ من فهم محمد الخاطئ لما ورد في «العهد الجديد»، «وَأَيْضاً مَتَى أَدْخَلَ الْبِكْرَ إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: "وَلْتَسْجُدْ لَهُ كُلُّ مَلاَئِكَةِ اللهِ"» (الْعِبْرَانِيِّينَ: 1/ 6). من الواضح أن النص تناهى إلى محمد، فظن أنّه ينطبق على آدم، وليس على المسيح.
الخلاصة، سوء الفهم هو الذي أوقع محمداً بالتباس بخصوص السجود لآدم. وهذا الأمر سيوقعه في تناقضات آخرى تتعلق بتحديد جنس إبليس، سنشير إليها في مواضعها.
انتهى النقل من الموقع المذكور..
والملاحظ كما لا يخفى أن هذه طريقة أهل الباطل في ترويج شبهاتهم على الناس، للطعن في صحة القرآن الكريم، وبسبب الجهل باللغة العربية والأساليب القرآنية، فقد استكثروا الأمر المفاجئ بالسجود هنا للملائكة!!
كما استغربوا عصيان إبليس لربه في السجود وهو من الملائكة، والتحقيق أنه ليس من الملائكة، بل من الجن كما قال الله تعالى:(إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) فلا تناقض هنا كما يدعون!
ومسألة نقل محمد لرواية السجود من كتبهم المقدسة هي رواية أقرب إلى السخرية منها إلى النقد كما يقال، وقد حسم القرآن هذه المسألة قديما بقوله:(ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) فأنى للعجم المستشرقين أمثال هؤلاء أن يفهموا العربية حق فهمها، فضلا عن أن يحكموا على القرآن، الذي جاء به هذا الرجل الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب!!
ومما يبدو من تصفح بعض صفحات الموقع أنهم يحاكمون القرآن إلى تاريخهم أو كتبهم المقدسة، ويجعلونها أصولا لتكذيب القرآن أو تصديقه، ثم يدعون العقلانية، وأن العقل يقضي بتناقض القرآن!!
ولو صدقوا لكذبوا أنفسهم واتهموا عقولهم التي تعمى عن صفاء القرآن وإعجازه البليغ في كل آية، وتوافق مصاحفه في أرجاء المعمورة، بينما لا يبصرون تناقض نسخهم المحرفة من الكتب المقدسة التي بين أيديهم!!
وبالفعل:(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)!!
الخلاصة أن أمثال هذه المواقع ليس بجديد ولا مستغرب في ظل المحاولات المتكررة في كل زمان من محاولة النيل من القرآن الكريم ومصداقيته، ولو لبسوا مسوح الضأن وأظهروا النسك والعبادة، فإن الله حافظ كتابه رغما عن أنف كل حاقد وحاسد.
والله الموفق.
الكاتب: د. أحمد الفرجابي
المصدر: موقع إسلام ويب